D2D

عندما أمسكوا بولس في الهيكل فإنه طلب من الأمير أن يتحدث إلى اليهود. إعتمد على إختباره في خطابه. خطابه كان نوع من الدفاع عن نفسه وكذلك شهادة عن المسيح لليهود. تحدث عن هويته اليهودية وعن تعليمه الديني وعن إضطهاده للكنيسة وغيرته للناموس. تحدث عن مقابلته للمسيح في الطريق إلى دمشق ورسالته للأمم. لكنهم ثاروا عليه مجدداً فأخذه الأمير وأمر بجلده.

سمح الأمير بأن تتم محاكمة بولس أمام رؤساء اليهود. بولس بدأ دفاعه بطريقة شخصية معلناً محبته وإنتماءه لليهود. لكن رئيس الكهنة لم يسمح له وحدثت مشادة بينه وبين بولس. فعلم بولس بأنه لن يحصل على محاكمة عادلة. فإستخدم الخطاب العقائدي فإنقسم المجمع وثار على بولس. فعاد الأمير وجنوده وأنقذوا بولس من بينهم.

إجتمع نحو أربعين رجلاً يهودياً وأقسموا أن لا يأكلوا أو يشربوا حتى يقتلوا بولس. تشاوروا مع رؤساء الكهنة لكي ينفذوا هذه المؤامرة. لكن هذه الأخبار وصلت إلى بولس ومن بعده إلى الأمير. تعامل الأمير بكل حكمة وأرسل بولس وسط موكب كبير من الحراسة إلى قيصرية. في هذا الموقف نرى شجاعة بولس وحكمة الأمير والعدالة الرومانية والعناية الإلهية.

قيصرية موجودة على البحر الأبيض المتوسط. بناها هيرودس الكبير على إسم الإمبراطور قيصر. كانت تحفة فنية ومعمارية. بنى هيرودس القصور والقلاع وميناء تحدى به الطبيعة. كانت مقر الإدارة العسكرية والإدارة المدنية للبلاد. فقد كانت عاصمة الرومان في فلسطين. هُدمت بسبب زلزال كبير وأعيد إكتشافها في القرن التاسع عشر.

إجتمع اليهود ومعهم خطيبهم ترتلُّس ليقدموا دعواهم على بولس أمام الوالي فيلكس. كانت كلمات ترتلُّس عبارة عن نفاق للحاكم وإتهامات كاذبة لبولس وللأمير الروماني كلوديوس. دافع بولس عن نفسه وأظهر كذب هذه الإتهامات وعدم قدرتهم على الإتيان بدليل واحد يثبت كلامهم. وتحوَّل بولس في هذه المحاكمة من محامي إلى قاضي .

تم طرد الوالي فيلكس وجاء بعده الحاكم فستوس. ذهب أولاً إلى أورشليم وحاول رؤساء الكهنة هناك إستمالته ليُحضر بولس إلى أورشليم. لكنه رفض وإستكمل المحاكمة في قيصرية. وهناك في قيصرية سأل بولس حول ذهابه إلى أورشليم. رفض بولس ورفع دعواه إلى قيصر في روما. ووافق فستوس على ذلك.

الجد الأكبر هو هيرودس الكبير الدموي والعنيف الذي قتل أطفال بيت لحم. لكنه كان يحب البناء فبنى الهيكل في أورشليم وبنى قيصرية. ابنه الأول أرخيلاوس حكم اليهودية. وابنه الثاني هيرودس أنتيباس هو من قطع رأس يوحنا المعمدان وإستهزأ بالمسيح في المحاكمة. والحفيد هيرودس أغريباس الأول الذي قطع رأس يعقوب ومات بأعجوبة. ثم هيرودس أغريباس الثاني الذي وقف أمامه بولس للمحاكمة.

جاء الملك هيرودس أغريباس الثاني مع أخته برنيكي إلى الحاكم فستوس. أغريباس كان يرغب في سماع بولس. وبالفعل تحدث بولس أمامه مدافعاً عن نفسه وكارزاً بالإنجيل له ولكل الحاضرين معه. تعجبوا من حكمة بولس وفلسفته وقدرته على التواصل وشجاعته. وحكموا بأنه برئ. لكنه رفع دعواه إلى قيصر فكان لابد أن يذهب إلى روما.

العمى الروحي يرمز إلى الظلمة, الجهل, الخطية وسلطان الشيطان. المسيح هو الوحيد الذي فتَّح عيون العمي حرفياً ( جسدياً وروحياً). نبوات العهد القديم التي تتنبأ عن المسيا فهي تتنبأ بقدرته الخاصة على فتح العيون. وبولس الرسول أعلن أن إرساليته هي فتح العيون. كما أعطاه المسيح هذه الإرسالية.

بولس عاش حياته كمُرسَل للرب يسوع. كانت لديه إستراتيجية وإرساليته كانت لها قوة ودعم خاص من الروح القدس. كما تمتعت إرساليته بالنتائج القوية. إرساليته كانت فتح العيون أي الخلاص سواء لليهود أو الأمم. كان مرسل ناجح فقد كان دائماً في مركز إرادة الله, يتحرك برؤيا إلهية وبقوة الروح القدس كان يشهد ويكرز حتى يصل إلى هدفه.

سافر بولس في البحر متجهاً إلى روما. قائد المائة الذي تولى هذه المهمة أسمه يوليوس. تعرضوا للكثير من المخاطر والرياح الشديدة. الأمر الذي جعل كل من في السفينة يفقد الأمل في الحياة. وكل البحارة فقدوا السيطرة على السفينة تماماً. لكن الله شجع بولس وهو بالتالي شجع كل المسافرين حتى وصلوا إلى جزيرة مالطا ونجوا جميعاً رغم إنكسار السفينة.

قائد المئة هو بكل بساطة مسؤول عن مائة جندي. ويصل إلى هذا المنصب بعد حياة شاقة, خوض معارك كثيرة. فليس من السهولة أن يصل إلى هذه المرتبة في أيام الرومان. والكتاب المقدس يذكر أمثلة كثيرة لقادة المئات. مثل قائد المئة في كفر ناحوم. مروراً بقائد المائة عن الصليب, وكرنيليوس الذي آمن وكل عائلته. ثم كلوديوس وأخيراً يوليوس الذي كان مع بولس في السفينة.

إنكسرت السفينة على شاطئ جزيرة مالطة. كل الموجودين على السفينة نجو بالكامل. أهل الجزيرة من البرابرة رحَّبوا بهم وأعانوهم. صنع الله معجزة مع بولس ولم يسمح بأن يتضرر من لدغة حية سامة. فقالوا عليه أنه إله. والد مُقَدِم الجزيرة كان مريض جداً وبمعجزة شفاه الرب على يد بولس. وحدثت نهضة عجيبة في الجزيرة.

بعد ثلاثة أشهر قضاها بولس في جزيرة مالطا أخيراً أصبح الوقت مناسب للسفر. سافروا في البحر مرة أخرى متجهين نحو روما. مرّوا على عدة أماكن ومكثوا فيها عدة أيام وكان بولس يتقابل بإستمرار مع المسيحيين هناك. وصل إلى روما وإستأجر بيت ليقيم فيه حبيساً تحت حراسة خاصة. لكنه كان حر من الداخل وإستقبل جميع الناس وبشرهم بالمسيح.

علَّم بولس المئات من الموضوعات لكن من خلال رسائله يمكننا أن نستشف أكثر خمس موضوعات تحدث فيها. تحدث عن التبرير بالإيمان وأساسه وكيفية الحصول عليه. تحدث عن الكنيسة وألقابها وتنظيمها ودورها. تحدث عن الموت الكفاري للمسيح وقيامته ودور ذلك في الخلاص. تحدث عن الروح القدس ودوره في الكنيسة. تحدث عن المجئ الثاني والإستعداد له.

تمتع بولس بالكثير من الألقاب. مثل لقب الرسول والذي أعلن سلطته الرسولية. كذلك لقب عبد ومعلم وكارز بالإنجيل. و سفير للمسيح وأسيره أيضاً. كذلك رياضي يتنافس في المسابقات الرياضية للحصول على الجائزة. كذلك جندي مُخصص لخدمة الرب والإنجيل. وهو كاهن أيضا. لكن في النهاية يعطي لنفسه لقب رئيس الخطاة.

وُلِدَ في طرسوس وتعلم الحكمة اليونانية واللغة اليونانية في جامعة طرسوس. تعلم العبرية والتوراة وتقاليد الآباء عند رجلي غمالائيل في أورشليم. أصبح فريسي ومضطهد للكنيسة بشدة. تقابل مع الرب يسوع في الطريق إلى دمشق وتغيرت حياته. بدأ في الخدمة في دمشق وأورشليم. لكن خرج في رحلات تبشيرية عديدة وصل بها إلى اسبانيا. تم سجنه مرتين في روما وفي سجنه الثاني قُطعت رأسه.