أنطاكية،

أنطاكية كانت مركزاً تجارياً ودينياً. كانت بلدة ثقافية ومتعددت الثقافات. كانت بها جالية يهودية كبيرة. وبسبب تعدد الآلهة فإن الكثير من أهلها قرر إتباع اليهودية. وبعد ظهور المسيحية إنضم جمهور كثير إلى المسيحية في هذه المدينة. وأصبحت مركزاً للإرساليات لكل المدن التي حولها حتى آسيا الصُغرى وأوروبا

في أنطاكيه دعى الناس أتباع الرب يسوع المسيح بـ" مسيحيين". أصبح هذا الإسم إفتخار لنا في مواجهة الإضطهاد بكل نيرانه وسيوفه وحيواناته وكل أشكال الإضطهاد. فأصبحت هذه الكلمة تحمل معنى " تابع للمسيح". ولكنها تحمل معها " آلام من أجل تبعية المسيح". فالمسيحية لا تعد الناس بالحياة الأبدية فقط ولكنها ليست طريق مفروش بالورود بل بالآلام

الكنيسة في أنطاكية جاء إليها بعض الأنبياء وأخبروا أن هناك جوع سيحدث في اليهودية. أسرعت الكنيسة في أنطاكية وجمعت التقدمات والتبرعات لإرسالها إلى كنيسة أورشليم. كان هذا تعبيراً عن المحبة و والشعور بالعرفان للجميل وتعبير عن الوحدة التي صارت للمؤمنين من خلفية يهودية والأمم في المسيح. فأصبح الإثنان واحداً ولا توجد عداوة بينهما

كنيسة أنطاكية كانت كنيسة مُنظَّمة جداً. كانت كنيسة موحَّدة رغم إختلاف خلفيات المؤمنين بها من يهود وأمم لكنها كانت ممتلئة بالمحبة والوحدة. كانت كنيسة مُدعِّمة حيث أرسلت لتدعيم كنيسة أورشليم ولتدعيم الإرساليات. كانت كنيسة مُرسلة حيث أخذت أجرأ قرار بأن تصل برسالة الإنجيل إلى كل العالم

المرحلة الإنتقالية هي المرحلة التي تحوَّل التركيز فيها من أورشليم واليهودية إلى أنطاكية في سوريا ثم كل العالم. هي التي تحوَّل التركيز فيها في سفر أعمال الرسل من على خدمة بطرس الرسول إلى خدمة بولس الرسول. هي التي تحول التركيز فيها من على تلاميذ المسيح ورسله إلى جيل جديد من المؤمنين حمل على عاتقة مسؤلية الكرازة والبشارة لكل أنحاء العالم

صامت وصلت كنيسة أنطاكية وأخيراً قرروا أعظم قرار أن يخضعوا للروح القدس ويطلقا شاول وبرنابا لأول رحلة تبشيرية. الرحلة الأولى ذهبوا فيها إلى آسيا الصُغرى. هذه الرحلة كانت مدتها على الأقل سنة كاملة. زاروا فيها عدة مدن رئيسية في مقاطعة غلاطية وجزيرة قبرص. ثم عادوا مرة أخرى إلى كنيسة أنطاكية لمشاركة الكنيسة بالأخبار المفرحة عن الرحلة

قرر بولس وبرنابا العودة إلى كنيسة أنطاكية التي أرسلتهم. رجعوا من نفس الطريق التي جاءوا منها. رغم مواجهتهم الأخطار والموت والتهديدات والإضطهادات لكن قرروا أن يرجعوا إلى نفس المدن التي كرزوا فيها أولاً. وفي رجوعهم إستمروا في الكرازة لكن شددوا وثبتوا التلاميذ وزرعوا الكنائس ونظموها

جاء إلى أنطاكية بعض من اليهود الفريسين الذين آمنوا. لكن لم يرتاحوا لإيمان الأمم. فوعظوهم بأن يُختتنوا ويحفظوا ناموس موسى حتى يمكنهم أن يصيروا مسيحيين. ودارت مباحثات ليست بقليلة بينهم وبين بولس وبرنابا. مما إضطرت الكنيسة أن ترسل بولس وبرنابا وبعضاً منهم إلى الكنيسة في أورشليم حتى يقضي الرسل في هذا الموضوع